قضية عـلّوني .. وتجاه..." />

قضية عـلّوني (2005)

موقع الأديب سعيد العلمي. منذ 2020/10/2 WEB del escritor Saïd Alami. Desde 2/10/2020 |
ALBUM DE FOTOS | LIBRO DE VISITAS | CONTACTO |
 
 

WWW.ARABEHISPANO.NET المـوقـع الـعـربي الإسـباني


(إسبانيا) موقع الأديب سعيد العلمي

WEB del escritor y poeta Saïd Alami

وجوديات
وجدانيات
القصيدة الوطنية والسياسية
قصص سعيد العلمي
الصوت العربي الإسباني
POESÍA
RELATOS de Saïd Alami
La Voz Árabe-Hispana
Artículos de archivo, de Saïd Alami

 

قضية عـلّوني .. وتجاهل الإعلام  العـربي  المُـزمن لإسبانيا

 

عندما انحدرت شبكة "الجزيرة" إلى الحضيض الإعلامي

 

بقـلم  سـعـيد العـلمي* (2005)

 

قامت قـناة الجزيرة في 29 يناير 2005 ببث حـلـقة من بـرنامج (الاتـجاه المعاكس) خـصصته لإسبانيا وعلاقـتها بالعـرب ووضع المسلمين في اسبانيا بهدف الضغـط على السلطات الاسبانية في  خضم وَهْم المسؤولين في "الجزيرة" بأن هذه السلطات قادرة على اطلاق سراح مراسل الجزيرة في مدريد تيسير علوني  الذي يحمل الجنسية الاسبانية.

 

وجاء هـذا البرنامج على درجة غـير مسبوقة -في محطة الجزيرة-  مِن انحطاط الشرف الصحفي لما زخر به من تـزوير وأكاذيب ومعـلومات لا تمت للحقيقة بصلة  الهدف الوحيد منها هو تــشويه صورة اسبانيا بطريقة شرسة وهـوجاء  وتهويـل آثار ايقاف عـلوني من طرف القضاء الاسباني لإيهام المشاهـدين بأن الأمر له أبعـاد دولية فكأنما  نحـن بصدد اعـتـقال نيلسون مانديلا  العـرب أو ياسر عـرفات.

 

وجاء البرنامج المذكور وسط حملة إعلامية هـوجاء أيضا ما زالت تـشنها الجزيرة مطالبة باطلاق سراح عـلوني  قامت فيها بالهبوط الى أسفـل سافلين في التـزوير الذي وصل الى درجة  اختلاق المظاهرات الملفقة في قطاع غـزة، إذ تم استغلال  نـفوذ بعـثة الجزيرة هناك لتسيـير بضعة عشرات من الشبيبة الفلسطينيين الذين قاموا برفع صور عـلـوني في مسيرة خاصة بالجزيرة كانت من انتاجها وإخراجها وتـصـويـرها،  دون أن يكون لها أي صدى في أي وسيلة اعلامية أخرى على الاطلاق. بل وقامت الجزيرة في خضم هـذه الحملة الهوجاء بتنظيم المؤتمرات واستصدار البيانات الهزيلة من منظمات حـقوقية وصحفية عـربية مطالبة بإطلاق سراح عـلون، وهو المجهود الضخم الذي لم يسبق للجزيرة أن قامت به قـط  للمطالبة بإطلاق سراح آلاف المعـتـقـلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية او للمطالبة بإطلاق سراح أي معـتـقـل سياسي عـربي أو مسلم في طول العالم وعـرضه كـما هي الحال بالنسبة لمعـتـقـلي قاعـدة غـوانتانامو الأمريكية في جزيرة كوبا.

 

ومن تابعـوا  البرنامج المذكور لا بد  وأنهم أصيبوا  بالذهـول للكم الهائل من السباب والشتائم وعـبارات السخرية والتهكم والاتهامات الغـزيـرة والمجانية ضـد كل من سوّلت له نفسه معارضة آراء  ضيف البرنامج، يحي أبو زكريا، الذي دافع عن موقف قناة الجزيرة شانا عـدوانا شفهيا بذيئا على إسبانيا حكومة وشعـبا، وعلى العـرب المقيمين في إسبانيا، وعلى الجمعـيات العـربية في إسبانـيا.

 

وكان يحيى أبو زكريا هـذا بمثابة الطامة الكبرى في إلحاق الضرر بقضية تيسير عـلوني، وإنني لأعجب أشد العجب أن تـكون محطة الجزيرة لم تجد ناطقا آخر يدافع عن موقـفها غـير هذا "المدفع الرشاش"  الذي لا يملك سوى الشتائم والسباب والأكاذيب والجهل الفادح بالموضوع الذي كان يتحدث بشأنه وبإسبانيا وبالقضاء الاسباني وبالسياسة الإسبانية. ولن تؤدي التدخلات العـنجهية ليحيى أبو زكريا في برنامج فيصل القاسم الشهير إلا الى إلحاق الضرر الشديد بقضية علوني، لأن القاضي بالتسار غارثون الذي يشرف على هذه القضية بالغ القـوة في اسبانيا، ولأن القضاء في إسبانيا مستقـل استقلالية  تامة عن الحكومة، ولأن هناك إمكانية أن يعتقد غارثون أن علوني هو من حرض الجزيرة على القيام بمثل هذه الحملة العدوانية على اسبانيا.

  

ولنلقي نظرة على بعـض "الجواهـر" التي نطق بها  يحيى أبو زكريا هذا، خلال البرنامج، ليتمكن القارئ من تقييم "عـيار" القذائف التي أطلقها هذا "المدفع الرشاش" والتي أرجو ألا تصيب صدر علوني  فتأتي بعكس النتيجة المرجوة منها:

-       " والذي رفع السماء بلا عـمد لن نكل وسنستمر في النضال والصراخ حتى يطلق سراح تيسير علوني". اعتقادا من هذا  الأمي بأن صراخه أو صراخ غيره يؤثر على مسيرة القضاء في دولة يحكمها القانون مثل اسبانيا.    

-       " أريد أن أخاطب خوسيه أثنار هذا أو المزمار  إن صح التعـبير..." إشارة الى رئيس الوزراء الاسباني السابق وفي عـيّـنة واضحه على المستوى الفكري للمتحدث.

-       "إسبانيا تسجن عشرات الآلاف من المهاجرين المغاربة الذين يصلون إاليها على متن قوارب الموت". وهي معـلومة لا أساس لها من الصحة علما بأن البحرية الاسبانية أنقذت آلاف المهاجرين من الموت غرقا في مياه مضيق جبل طارق والمياه الواقعة بين السواحل المغربية وجزر الكناري الاسبانية.

-       " إسبانيا تسرق الصيد البحري والأسماك المغربية  وترفض اتفاقية صيد مع المغرب". وهذه معلومة أخرى لا أساس لها من الصحة لأن اسبانيا والمغرب وقعـتا طيلة عـقود من الزمان على اتفاقيات صيد، إلا أن تحويل ملف الصيد ليصبح من صلاحيات المفوضية الأوروبية وليس من صلاحيات الحكومة الاسبانية أدى الى عرقلة التوقيع على اتفاقية في هذا الصدد بين الطرفين المغربي والأوروبي لرفض المغرب الشروط التي تتطلع المفوضية الأوروبية الى فرضها عليها. ولا تدخل سفينة صيد واحدة المياه المغـربية بدون تصريح من السلطات المغـربية ووفق شروط معـينة يقبلها الطرفان.

-       " تيسير علوني صحفي مظلوم وبرئ جدا" وهي معـلومة مزورة أخرى  تكررت في البرنامج حـتى الثمالة وبهذه الطريقة الساذجة، وهو وما سنتـطـرق اليه باسهاب فيما بـعـد.

-       " ثباتيرو( رئيس وزراء اسبانيا الحالي) أمر باعـتـقال عـلوني ليصلح موقـفه مع واشنطن  بـعد أن رفض الرئيس بوش الرد على مكالمة هاتفية من ثباتيرو" . وهي عـبارة لا تحتاج الى تعـليق لشدة ما تـنطوي عـليه من سخافة. هـل من الممكن أن يكون ثباتيرو هو نفس الرجل الذي يقوم بإغضاب وتحدي أمريكا بسحب قواته من العـراق ثم يقوم بالسعي الى إرضائها ... باعـتـقال عـلـوني؟

-       "إسبانيا تـقوم باعتقال عــشرات الآلاف من المغاربة المساكين المستـضعـفين من الشوارع والطرقات  بحجة ما حدث في قطارات مدريد". ويقصد انفجارات القطارات في 11 مارس الماضي. وهذه أيضا حلقة في سلسلة التزوير والإكاذيب التي تشكل منها هذا البرنامج لفيصل القاسم.

-       "إسبانيا تدعـم البوليساريو بالمال والسلاح". ويقصد جبهة البوليساريو الصحراوية.  وهو تـزوير آخر ليحيى بن زكريا لا أساس له من الصحة.

-       " أعـرف كيف تـتـلقى الجمعيات العربية في إسبانيا أموالا وتـسرقها ورجالها يبنون الفيلات والقصور". وهذه العبارة جاءت ردا على متحدث من جمعية عربية في إسبانيا نقض تصريحات يحيى بن زكريا وعارضها بكل أدب مقدما حشدا من المعلومات والأرقام المتعلقة بوضع الجالية العـربية في اسبانيا فرد عليه هذا الأخير بأبذئ ما يكون الرد متهما إياه بأنه لص... هكذا وبكل بساطة.

-       "أريد أن أوجه كلاما إلى بالتسار غارثون الممسك بالملف الإرهابي في إسبانيا وأقـول له يا غارثون أنت عـديم الشرف ويا غارثون أنت بدون كرامة ولو كان غارثون ذو مروءة لرفع دعوة على أمريكا...". إلى هذا المستوى انحطت قناة الجزيرة على لسان يحيى أبوزكريا المتكلم باسمها في هذا البرنامج والمدافع عن وجهة نظرها دون أدنى تدخل لمقدم البرنامج فيصل القاسم ليضع حدا للمهزلة حاثاً المتحدث على الكف عن السباب والشتيمة.

-       " أين دليل غارثون  بأن عـلوني على علاقة بالإرهاب ؟. لا يملك أدنى دليل...هذا ظلم فادح بحق صحفي". والأدلة على علوني كثيرة كما جاء في محضر التحقيق معه وباعـترافه هـو أمام القاضي غارثون. وسنأتي على هذا فيما بعـد.

-       " سنظل نصرخ لأنكم اليوم إذ قصصتم لسان تيسير غدا سيأتي دور لسان فيصل ولسان يحيى وأحمد منصور  وتقومون بتصفية  جميع الذين يصرون على قول الحقيقة مهما كان الثمن". والمتحدث هو عدو الحقيقة بمعـنى الكلمة وانظر كيف زج بنفسه واضعا شخصه الفذ على مستوى فيصل القاسم وأحمد منصور وتيسير علوني، مناضلا  لا يشق له غبار في الدفاع عن الحقيقة. يا له من مُهرج.

 

هذه بعـض عينات التزوير والأكاذيب التي أطلقها يحيى أبو زكريا، أما مقدم البرنامج فيصل القاسم فقد قال في سياق تـقـديـمه للبرنامج عـبارات مثـل التالية:

-       "إسبانيا تعامل العـمال العـرب على حـدودها معاملة القطعان". أية حدود هـذه، الموانيء البحرية أم المطارات؟. لا في هـذه ولا في تلك يجد القادمون الى إسبانيا، 55 مليون شخص سنويا، بما فيهم العـمال العـرب، سوى معاملة الاحترام.

-       " قام الاسبان بإحياء محاكم التفتيش الرهيبة  سيئة الصيت". مثل هذه الجُمل لا تستحق ولا مجرد تعليق صغير لأنها اختلاق وتزوير ما بعـده تـزوير.

 

 

ما زال صحفـيـو قناة الجزيرة يظهرون على الشاشة وقد وضعوا على صدورهم صورة زميلهم تيسير علوني الذي اعـتقـل في إسبانيا في 5 من الشهر الجاري ثم أحيل الى السجن بعد ذلك بأيام بتهمة انتمائة الى الخلية الإسبانية التابعة لمنظمة القاعدة التي يتزعمها أسامه بن لادن.

وبالطبع فاننا نتفهم مثل هـذه  اللفتة العاطفية تجاه أخ لهم وزميل وقع في محنة نرجو جميعـنا بصفتنا عربا ومسلمين وزملاء في المهنة ان تـكـشـف عـنه في أسرع وقت ممكن وأن يخرج منها سالما معافى ليعود الى زوجته وأطفاله الأربعة وإنجازاته الصحفية الرائعة.

 

وما زالت الجزيرة تكتب ضمن شريط الأخبار الذي تعـرضه أسفـل الشاشة أن علوني "ما زال محتجزا من طرف السلطات الاسبانية". وكأن مملكة اسبانيا أصبحت عصابة " تحتجـز"  الناس في سجونها ظلما وعدوانا وكأنه ليس في اسبانيا ديموقراطية ولا قـضاءا  نزيها.

 

وفي برنامج (حوار مفـتـوح)  الذي قـدمته  قناة الجزيرة في 14 سبتمبر 2005 عن علوني مباشرة من القاهرة والـدوحة وغـرناطة ( المدينة التي اعـتقـل فيها والتي أقام فيها لعــدة سنوات قبل انتقاله الى قطر للعـمل في الجزيرة) تعاملت هذه القـناة المعـروفة بنزاهـتها وعدم انحيازها وموضوعـيتها (رغـم ما يدعـيه عليها الإعلام والسلطات الأمريكية من أكاذيب) بدون أي أثر للنزاهة، بل وبكثير من التجني على إسبانيا وبشكل طـفولي  قاده مقدم البرنامج غـسان بن جدو، فـيما بدا استعـراضا  غاية في البدائية القائمة على مبدأ بدا أنه لا نقاش فيه مفاده أن تـيسير اعـتـقـل عقابا على إنجازاته الصحفية إبان حرب افغانستان، وهو أمر أبـعــد ما يكون عن الحـقيقة بالنسبة لنا في إسبانيا بينما يبدو أنه أمر لا نقاش فيه بالنسبة للمطلعـين على الأمور عن بـعـد إطلاعا سطحيا وعاطفيا وطفوليا.

 

وكان يتعـين على الجزيرة أن تـتعـمق في هذا الموضوع وتدرسه من كافة جوانبه قـبـل تحكم عليه من أول وهلة و بدون روية ولا  تأني.  بل إنه يمكن للصحفي و للقناة التـلفزيونية أن يقـعـا  في شباك العاطفة في الساعات الأولى أو في الأيام الأولى من نشر نبأ اعـتـقـال زميل لهم،  كما جرى في حالة علوني ، أما أن تستمر هذه العاطفية وتذهـب بعـيدا الى حدود الكذب والتهويل والإبتـزاز والـتـزوير – كما سنرى فيما بعـد – فإنها الطامة الكبرى والحضيض في العمل الصحـفي.

 

فـقد ذهب البرنامج المذكور في شطحاته ووطـنيته الزائفة  إلى حد الإشارة  المتكررة إلى وجود حملة في العالم العـربي تـنادي بمقاطعة البضائع الإسبانية ردا على اعـتـقال علوني وهـو أمر نعـلـم جميعا أنه من اختراع الجزيرة، ليس إلا.

 

وكانت الجزيرة قد ذهبت إلى أبعـد من ذلك  بكثير في الـتـزوير عـندما قام موظـفـوها في غـزة بتلفيق مشاهـد قاموا فيها بالزج بطـفلة حملت صورة تيسير علوني وسط مظاهرة خرج فيها آلاف الفلسطيينيين محتجين على قرار إسرائيل، في 11 سبتمبر 2003، إبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وفي استعـراض "ستـريـبتيز" إعلامي مشين  لم نكن نـتوقعه إطلاقا من الجزيرة كان هذا الخبر يقدم على النحو التالي:" آلاف من الفلسطيين يتظاهـرون في غـزة احتجاجا على قرار إسرائيل إبعاد الرئيس عرفات وعلى احتجاز إسبانيا لمراسل الجزيرة تيسير علوني"،  بينما كاميرا الجزيرة  كانت تركز باستمرار على صورة علوني التي كانت تحملها تلك الطفلة وسط  المظاهـرة.  وكان من السهل ملاحظة أنه لم تكن في المظاهرة صورة أخرى لعـلوني غير تلك، كما أنه من السهل على أي عاقـل  استـنـتاج أن الفلسطينيين في غـزة لديهم من المصائب والمعاناة والهموم ما لا يدع لهم وقت للإهتمام بقضية علوني. لـقد وصل انعـدام الرؤية في الجزيرة الى حد استخدام قضية إبعاد عرفات وطرده من فلسطين، وهي قضية ذات أبعاد عالمية وذات آثار جـمه على مسيرة المجابهة الفلسطينية الاسرائيلية وعلى مستقبل الشعب الفلسطيني،  لتلفيق أخبار عن قضية تيسير علوني. وكلي ثقة من أن علوني نفسه يخـجل من تصرف زملائه هذا وهو الصحفي الذي عرفناه دائما نزيها لا  يزوّر ونبـيها لا  يمكن تضليله.

 

وقبل أن أمضي قدما في سرد الوقائع والحقائق يتعـين أن أطلب ممن تساوره الشكوك بشأن مشاعـري الشخصية تجاه تيسير عـلوني  - رغـم انه ليس لي أي سابـق معـرفة  به مع أننا ننتمي معا إلى الجالية العـربية في إسبانيا-  أن يراجع ما نشرتـُهُ في (القبس) في 8  و 9 سبتمبر الجاري. وأضيف إلى ذلك – لإزالة أي شك يتعـلـق بموقـفي تجاه تيسير– أن جمعـية الصحفيين العـرب في إسبانيا، التي يترأسها حاليا صحفيٌ سوري، تأخرت لثلاثة أيام في اصدار بيان لها بشأن اعـتـقال عـلوني ( لعـدم تأكد لجنتها الإدارية من براءته) الى أن تـدخلتُ بصفـتي مؤسس هـذه الجـمعـية ( في 1983)  ضاغـطا مما أدى برئيسها الى إصدار بيان في 8 سبتمبر ليلا  قمت بنفـسي  ودون مشاركة أحد من أعـضاء الجمعـية  بإرساله الى كافة وسائل الإعلام الاسبانية. وعـبرت الجمعـية في ذلك البيان – الذي نشرته بعـض الوكالات والصحف الإسبانية- عن قلقها بشأن قرار القاضي آنذاك تمديد اعـتقال علوني في السجن الانفرادي وعن ثـقـتها  ببراءته من التهم الموجهة إليه وعن ثـقـتها أيضا بالعـدالة الاسبانية.

 

إننا معـشر الـصحفيين إما ان نـتعامل مع الأمور والأخبار ومجريات الأحداث تعامل المختصين بالرياضيات مع الأرقام والمعادلات الرياضية وإما أن نكون قـد  ابتعـدنا عـن شرف المهنة وأصبحنا بين مهرجين و دجالين. أقولها وأعـترف بأنه ليس لي أدنى ثـقة بعـالم الصحافة والإعلام  ولا بنزاهـة أو نباهة العاملين فيه،  لاسيما فيما يتعـلـق بالإعلاميْن الأمريكي والأوروبي.

 

واستمر قطاع من وسائل الإعلام العـربية حتى الآن في تجاهل الواقع في قضية علوني . وهو الواقع الذي لا مناص من التعامل معه بجدية كاملة وبنزاهة لسبب واحد ليس له ثان ألا وهو أن هذه الوسائل الإعلامية – بما فيها الجزيرة – لا تملك نفعا لعـلوني مهما تمادت في ممارسة سياسة العـنجهية تجاه إسبانيا وحكومتها وقضائها، ولكنها تملك له ضرا  باستمرارها في هذا الخط نظرا لمَثل إسباني ينفذه الاسبان بحذافيره مفاده أن " اذا جـئتـني  بالصوت العالي فليس هناك أعلى من صوتي" وهو ما نعـرفه العـرب في مقولة " أعلى ما في خيلك اركبه".

 

فاذا أضفنا أن الأمر يتعـلـق بالقاضي غارثون بالذات فإننا نـدرك مدى الضرر الذي الحـقته وسائل الاعلام العـربية  المذكورة – لاسيما الجزيرة – بقضية علوني  وبصورة الإعلام العـربي عـموما، لاسيما وأن هـذه الضغـوط الاعلامية العـربية  ربما لا تصل أصلا إلى مسامع القاضي غارثون (هذا ما نتمناه إلا أنه لدى غارثون بين مساعـديه محامياً عـربياً لا شك وأنه أطلعه على فحوى الحملة الاعلامية العـربية) ولأن غارثون تعـرض في الخـمس عشرة سنة الأخيرة الى أهوال من الضغـوط والتهديدات مارستـها ضده  حكومات عدة بل وجيوش ( أمريكية لاتينية)  وعـصابات مافيا بالغة الخطورة دون أن يهتز للرجل رمشٌ ولا  يـد  في مزاولة عـمله كقاض نزيه حاول الكثيرون في إسبانيا وخارجها  تخويفه أو  تـشويه سـمعـته  فباؤوا بالـفـشل.

 

لقد تعاملت بعـض وسائل الإعلام العـربية ، وليست الجزيرة فقط ،  في مسألة علوني مع القاضي الإسباني بالتسار غارثون – الذي أثبتت هذه الوسائل الاعلامية أنها لا تعـرف عنه شيئا إطلاقا ولا سبق لها أن سمعـت به-  تعاملها مع قاطع طريق يعـمل  بلطجيا لدى زعيم عصابة هو رئيس الحكومة الاسبانية  خوسيه لويس رودريغيث ثباتيرو.

ولقد وقـفـت هذه الوسائل الاعلامية تجاه إسبانيا في هذه القضية من منطلق دوني ينكر على إسبانيا حقها في الإحترام كغـيرها من دول أوروبا الرئيسة، وذلك على وتيرة : "إسبانيا تواصل احتجاز علوني" و " ولماذا تـزج إسبانيا نفسها في هذه المعـمعـة؟" أو " تعـرّض القاضي الإسباني لضغـوط أدت به الى تمديد احتجاز علوني"  أو "  كانت الضغـوط على القاضي كبيرة لدرجة اضطرته إلى ...." إلى آخر هـذه المنوال الذي يدل على وجود عـقلية  تجاه هذه القضية لا تـكن أدنى احترام لإسبانيا ولا  تنم عن أدنى حدود الإلتزام بأصول المهنة الصحفية.

 

وربما أن الجزيرة، التي تصرفت في هـذه المحنة ، وما زالت،  بغـرور شديد، تـعـتـقـد أن ما يجري في بعض الدول العـربية من خضوع القضاء وغير القضاء لسيف قائد الدولة ينسحب على إسبانيا الديموقراطية. وعـندما نقول ديموقراطية نعـني بذلك دولة القانون التي تـتمتع فيها السلطة القضائية باستقلالية العـمل والتي يقف الناس جميعا أمامها "سواسية كأسنان المشط" ليس فيهم من هو فوق القانون لا تيسير علوني ولا رئيس الوزراء الاسباني نفـسه. وهو ما سنراه في السطور المقبلة مترجما الى معـلومات وليس مجرد كلام في فراغ.

 

وكان أجدى بقناة الجزيرة أن تـتصل فور تلقيها خبر اعـتـقال علوني  بممثـلها في مدريد – إذ أن هناك زميلا صحفيا يتعاون مع الجزيرة في مدريد منذ سنوات – لتطلب منه المعـلومات الأولية حول هذا الخبر وحول القضية برمتها وأن تـقوم بالاتصال في مدريد وغرناطة بصحفيين وشخصيات عربية أخرى تطلب منهم رأيهم في هذا الموضوع ( دون بثه على الهواء بل لمجرد فهم ما يجري وعدم التـخبط كما فعلت حتى الآن). بل كان يتعـين عليها ان تـتصل بسلطات إسبانية في وزارة الداخلية او وزارة العـدل، لا سيما وأنها المحطة التلفزيونية التي أثبـتت  على مر السنين أنها قادرة على الاتصال حتى بالجن لو رغبت حقا في ذلك. 

 

ولكن بدلا من ذلك، بقيت الجزيرة خارج الحدث تماما في قضية عـلوني مكتفية بإرسال موفد لها راح يـبث رسائله من باب المحكمة في مدريد دون أن يدرك حجم القضية ودون أن يفهم تفاصيلها فجاءت رسائله تلك مشحونة بالتهكم غير المباشرعلى القضاء الإسباني  وبعـرض  سطحي للغاية لقضية علوني. وكيف لموفد صحفي لا يجيد الإسبانية – كما أعـتـقـد – أن يطلع على تـفاصيل الحدث عبر وسائل الاعلام المحلية  أو أن يتابع ما  يجري داخل المحكمة الاسبانية وعـبر وثائق رسمية اسبانية لا يحلم هـو ولا بمجرد الاقـتراب منها بحكم انعـدام أي صلة أو اتصال مباشر ومسبـق له بالسلطات الاسبانية او بالدوائر المقربة منها أو ذات الاطلاع.

 

وتجاهلت الجزيرة باستمرار وحتى الآن الوقائع التالية:

-       1- أن اسبانيا دولة قانون وديموقراطـية بمعـنى الكلمة شأنها شأن أي دولة أوروبية أخرى رغم كونها ديموقراطية شابة.

-       2- أن القضاء الإسباني مستـقـل عن الحكومة لاسيما فيما يتعـلـق  بسلك القضاة،  وخاصة القاضي غارثون، وبالمحاكم بما فيها المحكمة العـليا والمحكمة الدستـورية واللتان بإمكان محامي علوني اللجوء اليهما في نهاية المطاف.

3-  أن القاضي غارثون كان من أطاح بحكومة رئيس الوزراء الاسباني الإشتراكي، فيلبيه غونثالث، عندما قدم وزراءه للمحاكمة في قضية غال GAL التي اتهَم فيها غارثون الحكومة بتشكيل منظمة إرهابية مسلحة تحمل اسم غال كانت تـقوم بمحاربة منظمة ايتا الباسكية المسلحة، وهي الفضيحة التي أدت الى الفوز الساحق للحزب الشعـبي المحافظ في انتخابات عام 1996. وما زال وزير سابق ( باريونويبو) ومسؤولين كبار في الحكومة السابقة في السجن حتى الآن.

4- أن غارثون خاض مجابهات عـدة ضد رئيس الوزراء الاسباني السابق، أثنار، وأنه معـروف بمناهضته له وقد بان ذلك واضحا عندما أصدر أمرا  دوليا في 1998 باعـتـقال ديكتاتور تشيلي السابق أوغوستو بينوتـشيت  مما أدى الى إلقاء القبض عليه في لندن في قضية تـفجرت عالميا وأعـطت لغارثون شهرة واسعـة. ووقـفت حكومة  أثنار الإسبانية طيلة شهور اعتقال بينوتشيت ضد غارثون معـلنة عدم وجود صلاحيات له لمحاكمة بيونشيت الذي كان غارثون يريد محاكمته في إسبانيا متهما إياه بالمسؤولية عن إختفاء ومقـتل عدد من المواطنين الإسبان في تشيلي إثر الإنقلاب العسكري الذي استولى به  بينوتشيت على الحكم في 1973. وفي نهاية المطاف أدى التعاون الوثيق بين الحكومتين الإسبانية والبريطانية إلى إعادة بينوتشيت إلى بلاده.

 

ويُذكر أن غارثون وقف بصلابة ضد أثنار معارضاً شن حرب على العراق وناشرا في الصحف الإسبانية الرئيسية مقالات ضد هذه الحرب انتقد فيها أثنار بشدة. واتخذ غارثون نفس هذا الموقـف ضد أثنار وحكومته في عـدد من المحاضرات التي ألقاها في عـدة مدن إسبانية حول غـزو العراق في الفترة التي كان يجري الإعداد له من طرف أمريكا وبريطانيا وبدعم قوي من طرف أثنار . وما زال غارثون ملتزما بموقفه هذا حتى الآن في مقالاته ومحاضراته.

 

 5- أن غارثون تدخل قضائيا أيضا ضد جنرالات الأرجنتين متهما إياهم أيضا بالمسؤولية عن مصرع مواطنين إسبان إبان الديكتاتورية العـسكرية الأرجنتينية في  السبعينات والثمانينات.

6- أنه تـلـقى تهديدات مباشرة -لم تـُجـد نفعـا- من الجيشيْن الـشيلي والأرجنتيني بالكف عن مطاردة بينوتشيت في الحالة الأولى والكف عن ملاحقة الجنرالات الذين حكموا الأرجنتين في الحالة الثانية.

7- أن هذا القاضي تجرأ على الوقوف بمفرده في وجه منظمة إيتا الباسكية المسلحة اتي أرعبت إسبانيا لأكثر من ثلاثين سنة فقام باعتقال العشرات من أعضائها ومحاكمتهم والزج بهم في السجن رغـم تهديدات منظمة إيتا المسلحة له، ورغـم تخطيطها لاغتياله.

8- أنه كان القاضي الوحيد في إسبانيا الذي تجرأ على إحالة كافة اعضاء المجلس التنفيذي لحزب إرّي بتسونا، الذي كان يعـتبر الجناح السياسي لمنظمة ايتا، إلى السجن ( 15 عـضو) حيث مكثوا فيه لسنوات قبل خروجهم بكفالة.

9- أنه تجرأ خلال العام الجاري على ما لم يتجرأ عليه قاض إسباني من قبل، مع أن المسألة كانت قد طرحت طيلة سنوات مرارا وتكرارا. فـقـد قام  بإصدار مرسوم قضائي أعلن فيه حزب إري بتسونا المذكور خارج القانون وأمر بحل كافة هـيئاته والإستيلاء على كافة مقارّه وأملاكه وهـو ما حوّله الى العـدو الأكبر لإيتا في إسبانيا.

10 – أن غارثون معـروف في الإتحاد الاوروبي بأنه واحد من 7  قضاة أوروبيين معـروفين  بلقب "من لا يمكن إفـسادهـم" ومنهم أيضا أنطونيو دي بيترو في إيطاليا والذي قام بمقاضاة رئيس الوزراء الايطالي السابق  بيتينو كراكسي مما اضطر هذا الأخير الى الهرب من بلاده الى أن توفي خارجها، وإريك هالفين في فرنسا الذي قام بمقاضاة الرئيس جاك شيراك بتهمة الفساد.

11- أنه تلقى تهديدات من أكبر عصابات المافيا في أوروبا بعـد أن قام بالزج في السجن بعدد من أكبر تجار المخدرات من الإسبان والروس والطليان وغيرهـم.

 

ويُذكر أن غارثون (48 سنة) يعـيش 24 ساعة يوميا  تحت حراسة ثلاثة من الشرطة المسلحين، إضافة الى الحراسة المشددة على زوجته  وأولاده الثلاثة وعلى بيته ومكتبه. أما مكتبه في مقر المحكمة الوطنية  فقد تم تحويله الى  "بنكر" Bunker  مصـفح يصعـب اقـتحامه بـعـد أن تم اقتحامه لعـدة مرات وسرقة مستندات منه في التسعـينات كما اقـتحم منزله لعـدة مرات أيضا. ويقوم غارثون بتسجيل كافة استجواباته للمتهمين  صوتا وصورة عـبر ثلاث كاميرات تلفزيون معـا تأكيدا على الأقوال التي يُدلون بها ومن أجل مقارنة أقوال المتهمين في قضية واحدة  ببعـضها البعـض.

 

أما فيما يخص قضية علوني  فـقد تجاهـلت الجزيرة  باستمرار الوقائع التالية:

1- أن التهم التي توجه الى تيسير عـلوني تـتعـلـق جميعها بالفترة التي سبقت التحاقه صحفيا فيها.

2- أن عـلوني اعـترف أمام غارثون بأنه يعـرف شخصيا الـ 13 معـتـقلا  في قضية الخلية الاسبانية لمنظمة القاعـدة والذين ألقيَ القبض عليهم في 13 نوفمبر 2001، وأنه كان صديقا لعـدد منهم وصديقا حميما لزعيمهم عماد الدين بركات (أبو دحدح) الذي يوجه اليه غارثون تهمة الضلوع في مقـتـل الآلاف في هجمات 11 سبتمبر 2001.         

     3- أن علوني اعـترف بانه استضاف في منزله عدد من أعـضاء هذه الخلية. وهو ما اعـتبره المدعي العام الاسباني  "إيواء أعضاء في منظمة إرهابية".

4- أن علوني اعـترف أمام القاضي أنه قام بحمل مبالغ من المال سلمها له أبو دحدح إلى سوريين مقيمين في افغانستان والشيشان وتركيا. وهو ما اعتبره المدعي العام " تـمويل منظمة إرهابية" رغم أن تيسير أكد انه قام بذلك لمساعدة أبناء جلدته من السوريين في المنفى.

5- أن الشرطة عـثرت في بيت علوني على نصوص كاملة للمكالمات الهاتفية التي رصدتها الشرطة الإسبانية لأعضاء خلية القاعدة في إسبانيا طيلة سنوات ولما سأله القاضي عـن كيفية حصوله على تلك الأشرطة حار تيسير جوابا. وجاء في نص قرار القاضي إحالة تيسير الى السجن بانتظار محاكمته أن المتهم لم يتذرع إطلاقا بمهنته الصحفية كسبـب في حيازته لنصوص تلك المكالمات.  وإن دل هذا على شئ فانما يدل  على شـعـور تيسير بشرف المهنة فلم يشأ أن يزج الجزيرة في هـذه القضية علما بأن هذه هي النقطة الوحيدة التي كان بامكانه أن يعـزيها الى عـمله  الصحفي. 

6 – أن قرار سجن علوني يشير إلى أنه  كان على علاقة قوية بخلية همبورغ التابعة للقاعدة وأنه قام بالاتصال هاتفيا بمحمد عطا وهو الطيار المصري الذي تـتهمه الولايات المتحدة بأنه كان زعـيم الطيارين الإنتحاريين الذين دمروا برجيّ مركز التجارة العالمية في نيويورك وضربوا البنتاغون في واشنطن وكانوا على متن طائرة الركاب التي كانت تتجه – حسب ادعاءات أمريكا – إلى البيت الأبيض عـندما تم    

إسقاطها في بنسيلفانيا.

     لكن تيسير قال انه لم يتصل بمحمد عطا بل بأخيه منير ( منير علوني) الذي كان يقيم أيضا في هبمورغ.

7    - أن الشرطة والمخابرات الاسبانية – بالتعاون مع دوائر أمنية دولية– لديها إثباتات، حسب ادعاءاتها، بقيام علوني بزيارة هبمورغ في اكثر من مناسبه وأنه قام هناك بالإشتراك في اتمام صفـقـتين لحساب أسامه بن لادن، الأولى لشراء أجهزة بث إذاعي والثانية لشراء سفينة.

8    - أن نص قرار اتهام علوني وإحالته الى السجن الصادر في 11 سبتمبر الماضي يشير أيضا إلى قيام المتهم بالتـنقـل في الفترة بين 1995 و 1998 بين مدريد ولندن متعاونا مع منظمتين مسلحتين جزائريتين هـما (الجماعة الاسلامية المسلحة) و ( الجماعة السلفية للدعـوة والكفاح) كمدير للمجلة الصادرة عـنهما بعـنوان ( أنصار).

9- أن الشرطة والمخابرات الإسبانية كانت تراقب علوني منذ 1994 وأنها قامت منذ ذلك الحين بتسجيل كافة مكالماته الهاتفية. وكان تيسير  يعـلم أنه مراقب وذلك  قبل التحاقه بالعـمل في الجزيـرة وقـد تـضمنت بعـض قصاصات الصحف الإسبانية التي عُـثر عليها في منزله على إشارات إلى وجوده تحت المراقبة الأمنية.

10-              أن قرار الإتهام يشير الى قيام علوني في 1998 بالانتقال الى افغانستان حيث كان  مكلفا باستقبال أعضاء جدد في القاعدة كانوا يصلون إلى إفغانستان قادمين من عدة  دول أوروبية وكان يجري تدريبهم في معـسكرات القاعـدة قبل أن يعودوا مجددا الى  بلدانهم ليشتركوا فيها أعضاءا في خلايا نائمة تابعة للقاعدة.

11-              أن عديل علوني وهـو السوري ذو الجنسية الالمانية  محـمد حيدر زمـّـر يُعـتـبر من أكبر المتهمين في قضية 11 سبتمبر 2001 منذ أن اعـتـقـل في الـمغـرب التي سلمته الى أمريكا سراً والتي قامت بدورها بتسليمه لألمانيا سراً والتي قامت بدوره بتسليمه إلى سوريا سراً، حيث يوجد حاليا في السجن. ويُتهم زمـّر بأنه من قام أصلا بتشكيل خلية القاعدة في إسبانيا والتي تسلم قيادتها فيما بعـد أبو دحدح.

12- أن علوني متهم بكونه "عضو بارز في خلية القاعدة " في إسبانيا.

    13 - أن خلية القاعـدة في إسبانيا متهمة بلعـب دور أساسي في الاعداد والترتيب لهجمات 11 سبتمبر 2001.

   14-    أن الخلية متهمة بترتيب اجتماع " قمة" عـقـد في إسبانيا وبالذات في مدينة  ترّاغونا في الشمال الشرقي في يوليو 2001  تم فيه تحديد موعد 11 سبتمبر 2001  لتنفيذ الهجمات المذكورة، وقد شارك في ذلك الاجتماع، إضافة الى زعيم الخلية الإسبانية، كل من محمد عطا ورمزي بن الشيـبه، وهذا الأخير متهم بكونه المسؤول عن تمويل عـمليات 11 سبتمبر والذي من الثابت – كما يدعي مكتب التحقيق الفيديرالي الأمريكي- أنه أقام لفترة طويلة في شقة واحدة مع محمد عطا في همبورغ. وبن الشيبه موجود حاليا رهن الاعتقال في باكستان.

15-- أن القاضي غارثون يستـند الى العـناصر القضائية التالية  في مرسومه القضائي الخاص بالبحث عن بن لادن وأعـضاء قيادة القاعـدة واعـتـقـالهم لتقديمهم للمحاكمة في إسبانيا، والذي صدر عنه في 17 سبتمبر الماضي:

 أ – وجود قـتيل واحد إسباني بين ضحايا 11 سبتمبر 2001.

ب – كون بن لادن الزعـيم الحقيقي لخلية القاعـدة في إسبانيا.

ت – كون أنه تم في الأراضي الإسبانية عـقد عـدة اجتماعات لأعضاء في القاعدة وتم فيها وضع اللمسات الأخيرة على مخطط الهجمات التي تم تنفيذها في نيويورك  وواشنطن.

 

ويُذكر أن هذه المحاكمة ستبدأ يوم 24 سبتمبر الجاري باستجواب المعـتـقـلين حاليا ( وقدر ارتفع عددهم الى 19 بعـد أن تـم يوم 18 سبتمبر اعـتـقال 5 عـرب آخرين متهمين بالإنتماء الى خلية إسبانيا تحت اشراف تيسير علوني).

 

ويَعـتبر القاضي غارثون أن القاعدة اختارت اسبانيا لتكون قاعـدتها في " الخطوط الخلفية" مما حوّلها الى المسرح الرئيسي لـنشاط القاعـدة قـبل شن هجمات 11 سبتمبر 2001.

 

كل هذه الوقائع والمعـطيات – وغيرها -  يجري تجاهـلها بالكامل من طرف قناة الجزيرة وبعض وسائل الاعلام العـربية المتأثرة بها، والتي تدعي أن اعـتقال علوني  يشكل اعتداءا  إسبانياً على الإعلام العـربي بالكامل،  بل وعلى الأمة العربية جمعاء. وهو ادعاء زائف فقد كان عماد الدين بركات (ابو دحدح) تاجرا ولم تـعـتبر منظمات التجارة العـربية اعـتقاله اعتداءا إسبانياً على التجار العـرب، وبين المعـتـقـلين في خلية القاعدة حِرفاً ومِهناً عـدة لم نسمع بشأنها اتهامات مماثلة.  وقبل ان يكون تيسير علوني صحفيا فهو عربي ومسلم أسوة بسائر المعـتـقـلين هنا ( باستـثناء مسلم إسباني الأصل) فلماذا لم تقم الجزيرة الدنيا وتقعدها – كما تـفعـل الآن - عندما اعـتقـل الـ 13 مسلما المتهمون بالانتماء الى خلية القاعدة في اسبانيا؟. أم أن غرور الجزيرة وصل إلى حد اعـتبار صحفييها وموظفيها على أهـمية ووجاهة تـفـوق كافة المسلمين؟. ونحن لا ننسى سبب إقالة مديرها العام السابـق من منصبه بعـد ان اتهم بأنه كان من "أزلام"  صدام حسين.

 

لقد حان الأوان لوسائل الاعلام العربية التي شنت حملة  على إسبانيا بمناسة اعتقال علوني ان تفهم ما يجري قبـل ان تـطـلـق العـنان لعـواطـفها الزائفة واتهاماتها الرخيصة وأكاذيـبها البينة وقبل أن تـقـدم على التـزوير والإبتزاز على طريقة " الجزيرة" حتى ولو تعـلق الخبر بمديرها العام نفـسه. هذا اذا أرادت ان تكسب احترام مجـتـمعاتها  والمجتمع الدولي الذي خسرته الجزيرة بالجملة ومرة واحدة في قضية عـلوني بعـد أن تطلـّبَ كسب هذا الاحترام عـملاً  دؤوباً قام به صحفيون وفنيون بارعـون  في الجزيرة طيلة سنوات.

 

تبقى كلمة يجب أن تقال: إن كافة الإتهامات ضد علوني تـقـوم على أساس ان خلية القاعدة في إسبانيا هي منظمة إرهابية ولكن ذلك لم يثبت بـعـد وسيجري النظر فيه في المحاكمة القريبة التي ربما تمتـد لعـدة شهور.

 

 وكل ما نرجوه من الجزيرة أن تهتم بمتابعة هذه المحاكمة مباشرة بعـد ان ادارت ظهرها منذ إنشائها للأحداث في إسبانيا شأنها شأن الغالبية العـظـمى من وسائل الاعلام العـربية التي لا يوجـد في خرائـطها شئ أسمه إسبانيا إلا إذا دار الحديث عن الأندلس الإسلامية. والدليل على ذلك عدم وجود مراسلين مـتـفرغـين  لوسائل إعلام عـربية في إسبانيا باستثناء حالة واحدة هي وكالة الأنباء المغـربية، إضافة إلى عدد ضئيل من المراسلين غير المتفـرغين أوالمـتعاونين أحيانا مع هـذه الوسائل الإعلامية. ومن هنا يأتي هذا الجهل شبه التام والمزمن  لوسائل الإعلام العـربية بما يجري في إسبانيا  حـتى عندما يكون الحدث فيها مهما للغاية بالنسبة لجهة عربية او للقضايا العـربية عـموما.

إنتهى

نـُشر في صحيفة القبس الكويتية في أول اكتوبر 2005


DEJE AQUÍ SU COMENTARIO    (VER COMENTARIOS)


COMPARTIR EN:

Todos los derechos reservados كافة الحقوق محفوظة - Editor: Saïd Alami محرر الـموقـع: سـعـيـد العـَـلـمي
E-mail: said@saidalami.com