غـزة  أظهرت "انفصام الشخصية" الذي تع..." />  غـ..."> غزة أظهرت انفصام شخصية أوروبا <p> فبراير 2009

موقع الأديب سعيد العلمي. منذ 2020/10/2 WEB del escritor Saïd Alami. Desde 2/10/2020 |
ALBUM DE FOTOS | LIBRO DE VISITAS | CONTACTO |
 
 

WWW.ARABEHISPANO.NET المـوقـع الـعـربي الإسـباني


(إسبانيا) موقع الأديب سعيد العلمي

WEB del escritor y poeta Saïd Alami

وجوديات
وجدانيات
القصيدة الوطنية والسياسية
قصص سعيد العلمي
الصوت العربي الإسباني
POESÍA
RELATOS de Saïd Alami
La Voz Árabe-Hispana
Artículos de archivo, de Saïd Alami

 

مقالات من الأرشيف

غزة أظهرت انفصام شخصية أوروبا

فبراير 2009


 غـزة  أظهرت "انفصام الشخصية" الذي تعاني منه أوروبا

بقلم سعيد العَـلمي*

 

مما لا شك فيه أن حكومة إسرائيل وجيشها الإعلامي المنتشر في أصقاع العالم يعيان تماما أنهما في ورطة لم يسبق لها مثيل نجمت عن العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع عزة الفلسطيني تؤثر في المقام الأول على تردي صورة إسرائيل في أوروبا بشكل لم يسبق له مثيل لاسيما فيما يتعلق بالمواطن الأوروبي العادي الذي خرج الى الشوارع بالملايين في مختلف دول القارة في مظاهرات عارمة ضد إسرائيل ولآول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي.

 فالمظاهرات ضد إسرائيل ما زالت تجوب شوارع العواصم الأوروبية حتى الآن وهو ما يحدث بفضل الأحزاب اليسارية والنقابات العمالية وجمعيات حقوق الأنسان وجمعيات الصداقة مع الشعب الفلسطيني وتجمعات الأقليات العربية والاسلامية والوسائل الاعلامية الأوروبية غير الراضخة للصهيونية، وكلها قوى لا يستهان بها ولها قدرة على تحـفيز ضمير المواطن الأوروبي وتنبيهه الى حجم الفظائع التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

 ولهذا السبب، كثفت إسرائيل والاعلام الصهيوني منذ انتهاء حرب ال 22 يوم على غزة حملتها السياسية والاعلامية في أوروبا التي أحيانا ما تعاني من حالات خطيرة من انفصام الشخصية إذ تنتهج حكوماتها سياسات تتعارض بل وتتصادم مع مشاعر شعوبها في الوقت الذي تقوم فيه المفوضية الأوروبية في بروكسيل  باتخاذ قرارات تصطدم بقوة مع توجهات الشارع الأوروبي. وعادة ما يحدث ذلك بشكل سافر فيما يتعلق بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. ومن أنصع الأمثلة على هذا الانفصام السياسي تلك المظاهرات العارمة التي اجتاحت شوارع المدن الأوروبية الكبرى في شهري فبراير ومارس عام 2003 ضد النوايا الأمريكية احتلال العراق آنذاك وضد أي مشاركة اوروبية عسكرية في الحرب على العراق.  وشهد الخامس عشر من فبراير 2003 مظاهرات لم يسبق لها مثيل في أوروبا ضد حرب العراق لاسيما في بريطانيا ( في لندن مليون متظاهر) وايطاليا ( في روما وميلانو مليونيّ متظاهر) واسبانيا (في مدريد وبرشلونة مليوني متظاهر). الا أن حكومات بريطانيا(عمالية) واسبانيا (يمينية) وايطاليا (يمينية)  ضربت عرض الحائط بالرأي العام لديها وانضمت بقوة الى جانب الولايات المتحدة، ووقف البريطاني توني بلير والاسباني خوسيه ماريا أثنار جنبا الى جنب مع جورج بوش، تحت رعاية رئيس الوزراء البرتغالي آنذاك جوزيه مانويل دوراو  باروسو (يميني) معلنين الحرب على العراق في القمة الثلاثية المنعـقدة في جزر الأزور البرتغالية في 16 مارس 2003 . وأدى موقف الحكومات الأوروبية الأربع المذكورة المناقض لموقف شعوبها تجاه حرب العراق الى خسارة الاحزاب الحاكمة في هذه الدول  للحكم في اول انتخابات عامة خاضتها بعد غزو العراق.

 وفيما يتعلق بمذبحة اسرائيل الأخيرة في غزة والتي تم فيها استخدام أسلحة دمار شامل بشكل غير مسبوق (1500 طن من المتفجرات، بينها عشرات الأطنان من المتفجرات الممنوعه في القانون الدولي، أطلقت على مليون ونصف نسمة

– أي بنسبة كيلوغرام واحد من المتفجرات لكل مواطن في غزة- وعلى مساحة 360 كيلومتر مربع فـقط) فلقد زاولت الحكومات الأوروبية والمفوضية الأوروبية من انفصام الشخصية ما فاق أضعاف أضعاف ما ذكرناه في الحالة العراقية وبدا الاتحاد الأوروبي خاضعا للصهيونية بشكل غير مسبوق وفي سياق متسق مع الاستراتيجية الأوروبية غير المعـلنه لضم اسرائيل الى الاتحاد الأوروبي.

  وهكذا جاء  مثبطا للضمير الأوروبي الشعبي الحـر هروع ستة من قادة الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل (وهم الالمانية ميركيل والفرنسي ساركوزي والاسباني ثباتيرو والبريطاني براون والايطالي بيرلوسكوني والتشيكي توبولينك الذي يترأس حاليا الاتحاد الأوروبي ) في 19  يناير الماضي - أي بعد ساعات فقط  من اعلان اسرائيل ايقافها لعدوانها الوحشي على قطاع غزة-  ومثولهم أمام الصحافة مبتسمين جذلين جنبا الى جنب مع مجرم الحرب إيهود أولميرت، في الوقت الذي كانت فيه شوارع أوروبا تغلي بالمظاهرات ضد اسرائيل.

 فبأي هدف وعلى أي أساس ولفائدة من مثـل القادة الاوروبيون بين يدي أولميرت متجاهلين مشاعر شعوبهم والرأي العام في بلدانهم ومشاعر الملايين من العرب والمسلمين الذين تظاهروا في شوارع بلدانهم ضد الوحشية الاسرائيلية؟. ولماذا  لمْ يخطر ببال هؤلاء القادة زيارة قطاع غزة بعد زيارة اسرائيل ولو لمجرد ذر الرماد بالعيون أو لمجرد التظاهر بالحياد بين طرفي النزاع.

 ومما لا شك فيه أن تلك الزيارة الجماعية الاوروبية لاسرائيل عبرت، على أقل تقدير، عن تغاضي الاتحاد الاوروبي عن جرائم اسرائيل التي لم تتغاضى عنها شعوب اوروبا ولا النظام القضائي الاوروبي الذي يقوم حاليا بالنظر في عدد من القضايا المرفوعة على مسؤولين وعسكريين اسرائيليين بتهم تتعلق بجرائم ارتكبوها ضد الانسانية وجرائم حرب ارتكبت في غزة في ديسمبر ويناير الماضيين وفي الضفة الغربية وغزة في السنوات الأخيرة. لقد جاءت تلك الزيارة الجماعية لقادة اوروبا في اتساق وتوافق كاملين مع البيان الصادر عن رئاسة الاتحاد الأوروبي في الثالث من يناير الماضي والذي صنف فيه الاعتداء الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل بأنه "دفاع عن النفس" من طرف إسرائيل.

 وجاء هذا المثول الأوروبي على أرفع مستوى بين يدي مجرم الحرب أولميرت، الذي لا يجرؤ على السفر حاليا الى عدد من الدول الأوروبية خشية اعتقاله من طرف القضاء بتهم الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها في قطاع غزة، لينسف الموقف السياسي المشرف الذي كانت حكومات مثل الفرنسية والاسبانية قد اتخذته من قبل إزاء مذبحة غزة. فقد صفق الفلسطينيون والعرب لساركوزي عندما قال في بيان صدر في  بداية العدوان الاسرائيلي، في 27 ديسمبر الماضي "إنه يتعين إنهاء هذه الغارت(الاسرائيلية) فورا فإنها جديرة بالادانه بنفس ما يستحقه من إدانه اللجوء الى استخدام القوة غير المتكافئة". أما ثباتيرو فقد قام في كلمتين القاهما في 5 و 11 يناير الماضي أمام حشود إسبانية  كبيرة بإدانة العدوان الاسرائيلي وبمطالبة اسرائيل بايقاف غاراتها على غزة  "بشكل فوري".

 فما الذي يدعو ثباتيرو بعد ذلك الى الانسياق وراء المستشارة الألمانية ميركيل والمثول امام اولميرت في هذا التغاضي الفاضح عن إبادة أكثر من 1300 شخص غالبيـتهم العظمى من المدنيين  بينهم 450 طفل ومئات النساء وهو الذي قام بسحب القوات الاسبانية من العراق حال تسلمه مهام منصبه في أبريل 2004 واقفا بحزم وثبات في وجه الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي كان يتمتع بذروة جبروته في ذلك الوقت. إن الكلمة التي القاها ثباتيرو أمام أولميرت في 18 يناير الماضي لم تتضمن كلمة تأنيب واحدة لاسرائيل على مذبحة غزة وتدمير غزة وجرائم الحرب التي ارتكبت في غزة. ومن الغريب أنه تم التعـتيم إعلاميا في أوروبا على هذه الزيارة الجماعية الاوروبية لاسرائيل التي تم انجازها شبه خلسة وفي ساعات قليلة. ولقد سنح لي التحقق من أن عددا من أصدقائي ومعارفي الإسبان لم يسمعوا قـط بتلك الزيارة الاوروبية لاسرائيل.

 من الواضح أن الضغوط الأمريكية والاسرائيلية من جهة والضغوط الألمانية والهولندية من جهة أخرى إضافة الى ضغوط قوى اليمين الموالية لأمريكا واسرائيل في مختلف دول الاتحاد الأوروبي قد أدت الى حدوث هذا الموقف الرسمي الاوروبي الذي يتناقض بشكل سافر مع مبادئ الديموقراطيات الأوروبية القائمة على الاحترام الكوني لحـقوق الانسان ( بعكس الديموقراطية الاسرائيلية التي تـقـتـصر على احترام حقوق الانسان داخل اسرائيل ولليهود فقط) وإلى دفع الاتحاد الأوروبي إلى هذا الانفصام السافر الذي لا يكن أدنى احترام لمشاعر الشارع في الدول السبع والعشرين الأعضاء ولا حتى لمواقف الأحزاب اليسارية التي تحكم في كثير من هذه الدول.

 فمثلا في 9 يناير الماضي قام الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في إسبانيا بتزعم مظاهرة كبرى ضد السفارة الاسرائيلية في مدريد شارك فيها عدد كبير من ممثلي المسرح والسينما الاسبان وقرأ في نهايتها بيان شارك الحزب الاشتراكي في صياغته وردت في نهايته الشعارات التالية التي تلخص موقف الجهات المنظمة لتلك المظاهرة، وبينها الحزب الحاكم: " من أجل وضع نهاية للعدوان العسكري الاسرائيلي على غزة... لنوقف المذبحة الجارية ضد الشعب الفلسطيني... نطالب بوقف فوري لاطلاق النار وبالمساعدة الانسانية للفسطينيين وبوضع نهاية للحصار على غزة... لا  لجمود المجتمع الدولي ... من أجل نهاية الاحتلال ... لنتضامن مع الشعب الفلسطيني".  فكيف يُـفسّـر والحالة هذه مثول ثباتيرو بين يدي أولميرت، وهو الذي لم يسبق له زيارة اسرائيل من قبل، وكيف يفسر خلوّ الكلمة التي القاها أمام السفاح الاسرائيلي من أي إشارة للمذبحة المروِّعة التي كانت قد ارتكبت للتو في قطاع غزة بل والإشارة فيها على قدم المساواة الى الضحايا الفلسطينيين والاسرائيليين والتأكيد فيها على  ضرورة ضمان الأمن الاسرائيلي وعلى "حقوق الشعب الاسرائيلي" وتقديم "أطيب التمنيات للشعب الاسرائيلي"؟!.

 ويمثل الوجه الآخر من هذا الانفصام المؤسسات الأوروبية غير الحكومية، وعلى رأسها القضاء والتجمعات المدنية والأهلية. وقد ذكرنا أن هذه الأخيرة كانت وما زالت المحركة الأساسية للتظاهرات التي شهدتها المدن الأوروبية. أما القضاء

فهناك تحركات اسرائيلية رسمية واسعة النطاق تهدف الى حماية مسؤوليها وعسكرييها من موجة الدعاوى القضائية التي بدأت تتلقاها ضدهم  محاكم أوروبية مختلفة بدأ ً بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ووصولا الى المحكمة الوطنية في مدريد. كما قامت الحكومة الاسرائيلية في 20 يناير بتحذير ضباطها العسكريين من مغبة السفر الى أوروبا لامكانية تعرضهم للاعتقال هناك نتيجة وجود عدد من القضايا المفتوحة ضدهم لدى محاكم اوروبية بتهم ارتكاب جرائم حرب.

 وصحيح أن إسرائيل لم توقع على معاهدة روما (17 يوليو 1988) والتي تم بموجبها تأسيس المحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة إلا أن رئيس هذه المحكمة لويس مورينو أوكامبو أكد في تصريحات لصحيفة  ذا تايمز  البريطانية في 2 فبراير الجاري على نية  المحكمة بذل قـصارى جهدها من أجل مقاضاة المسؤولين الاسرائيليين عن مذبحة غزة والعسكر الذين شاركوا فيها لاسيما فيما يتعلق باستخدام قنابل الفوسفور الأبيض ضد المدنيين العزل. وأضاف أوكامبو أن الشكاوى التي تلقتها المحكمة من جهات فلسطينية ستأخذ مجراها وذلك أخذا بعين الاعتبار وجهة النظر الفلسطينية التي تؤكد على أن السلطة الوطنية الفلسطينية هي في الواقع دولة. ومن ناحية أخرى فإن  القضاء الاسرائيلي امتنع حتى الآن عن توجيه أية اتهامات لمسؤولين أو عسكريين اسرائيليين بشأن استخدام القنابل الفوسفورية في غزة وبشأن قصف مدارس ومقار الأمم المتحدة في القطاع ولم تقبل شكاوى الفلسطينيين يهذا الصدد. ويعتبر هذين العاملين، أي اعتبار السلطة الفلسطينية بمثابة دولة "دي فاكتوم" وامتناع القضاء الاسرائيلي عن النظر في الجرائم التي ارتكبت في غزة، بمثابة عاملين حاسمين يؤديان حتما الى قبول المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للشكاوى المرفوعة لديها على اسرائيل رغم عدم انتماء الدولة العبرية لمجموعة الدول الموقعة على معاهدة روما لعام 1988.

 ومن ناحية أخرى دوّى كـقنبلة في إسرائيل إعلان المحكمة الوطنية الاسبانية وقاضي التوثيق فيها فيرناندو أندريوْ في 30 يناير الماضي قراره توجيه الاتهام رسميا بارتكاب جرائم ضد الانسانية  لوزير الدفاع الاسرائيلي السابق بينيامين بن إيلعازر (وهو وزير البنية التحتية حاليا) في القضية المفتوحة ضده لدى المحكمة المذكورة  والمتعلقة بحادث اغتيال أحد قادة حماس، صلاح شحادة، في غزة، في قصف للطيران الاسرائيلي  وقع في 22 يوليو2002  وأسفر عن مقتل 14 عشر مدنيا واصابة 150 آخرين بجراح. أي أننا إزاء شكوى قضائية سبقت مذبحة غزة، تقدم بها لدى المحكمة الاسبانية المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وعدد من الجمعيات الاسبانية في الصيف الماضي وتشمل أيضا اتهامات مماثلة لستة من قادة الجيش الاسرائيلي في 2002 لاسيما قائد الأركان العامة موشيه يالون وقائد القوات الجوية دان هالوتز وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية  دورون ألموغ، كما تطال رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك، آرييل شارون.

 ويذكر أنه في 2005  لم  يستطع دورون ألموغ مغادرة  الطائرة في مطار هيثرو في لندن عندما قدم اليها من اسرائيل لجمع تبرعات في بريطانيا وذلك لأنه كان مطلوبا من لدُن القضاء البريطاني بنفس التهمة التي وجهتها له المحكمة الاسبانية بعد أن قرر القضاء البريطاني عدم المضي قدما في متابعة هذه القضية. أما في إسبانيا فإن قانون العقوبات ينص في المادة 608 على السجن لمدة تتراوح بين 10 و 15 سنة على كل من يقوم "في سياق نزاع مسلح بتنفيذ أو باصدار أوامر بتنفيذ هجمات شامله او مبالغ بها او يقوم باستهداف السكان المدنيين بهجمات أو بالرد على هجمات أو بأفعال أو بتهديدات باستخدام العنف بهدف إنزال الرعب بهم".

 وأدى قرار المحكمة الاسبانية الى حدوث حالة من الهستيريا في اسرائيل على الصعيدين الحكومي والاعلامي وانبرت وسائل الاعلام الموالية لاسرائيل في أوروبا (لاسيما عبر انترنت) متهمة القاضي فيرناندو أندريو بمعاداة االسامية ومتهمة محامي الاتهام غونثالو بوييه، شيلي الجنسية، بالانتماء الى منظمة إيتا الباسكية الارهابية.

 كما أدى قرار المحكمة الى تعرض الحكومة الاسبانية لضغوط هائلة جديدة من طرف الولايات المتحدة واسرائيل. ففي نفس اليوم الذي اعلنت فيه المحكمة عن قرارها المذكور تلقى وزير الخارجية الاسبانية ميغيل أنخيل موراتينوس مكالمتين الاولى من نظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون ( وكان هذا أول حديث يجري بينهما منذ تسلمها مهام منصبها) والثانية من وزيرة الخارجية الاسرائيلية تيسبي ليفني التي عبرت له عن "قلق" حكومتها بشأن قرار المحكمة الاسبانية التي من المتوقع أن تقوم في الايام المقبلة باستدعاء المتهمين الاسرائيليين الى مدريد لاستجوابهم. 

 وصرحت ليفني بعد ذلك أن موراتينوس قد وعدها أن حكومته ستعمل على إدخال تغييرات على القانون الاسباني تؤدي الى الحيلولة دون محاكمة اسرائيليين من طرف محاكم اسبانية. وقالت ليفني بكثير من الغبطة أنها تنتظر من دول أوروبية أخرى ان  تحتذي بالمثل الاسباني. هذا ما صرحت به ليفني ولم تقم أية جهة رسمية اسبانية بالتأكيد عليه لما ينطوي عليه من مهانة في حالة صحته. وقد قام موراتينوس بالرد على اسئلة الصحفيين بشأن تصريحات ليفني فأكد - بوجه متجهم- على استقلالية القضاء الاسباني، وهو ما قامت بالتأكيد عليه من طرفها في اليوم التالي نائبة رئيس الوزراء تيريسا فيرنانديث التي قالت أن "المحاكم في اسبانيا تعمل باستقلال كامل" وأنه من المؤكد أن اسرائيل "تفهم" هذا الموقف.

 إلا أن صحيفة آ بيه ثيه الاسبانية الموالية لاسرائيل نشرت في اليوم التالي معلومات مفادها أن الحكومة الاسبانية تقوم بالفعل بدراسة الحد من الصلاحيات العالمية التي تتمتع بها المحكمة الوطنية الاسبانية من أجل أن تقتصر صلاحياتها فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب خارج اسبانيا على تلك التي تؤدي الى مقتل او اصابة مواطنين إسبان وهو ما من شأنه الحيلولة دون محاكمة مجرم الحرب بنيامين بن ايلعازر والعسكريين الاسرائيليين الستة. وأضافت الصحيفة أن السفير الاسرائيلي  في مدريد قام باجراء محادثات مع "اشخاص مقربين من رئيس الحكومة ثباتيرو من أجل كبح الأزمة السياسية التي يمكن أن تتمخض عن هذه الأزمة القضائيه" فيما يبدو أنه ابتزاز وتهديد واضحيّ المعالم من طرف الحكومة الاسرائيلية.

 وحتى هذه اللحظة لم يقم المدعي العام الاسباني بالاستئناف ضد قرار المحكمة الوطنية الاسبانية، وهي الطريقة الوحيدة – غير مضمونة النتائج- المتوفرة حاليا لمنع القاضي فيرناندو اندريوْ من المضي قدما في محاكمة المتهمين الاسرائيليين المذكورين. وكان المدعي العام الاسباني قد قام في قـضية سابقة، حـقـقت شهرة عالمية، قد حاول ايقاف اعتقال الرئيس الشيلي الراحل أوغوستو بينوتشيت في 1999 عندما أصدر مذكرة ضد أمر الاعتقال الذي كان قد صدر عن نفس المحكمة الوطنية في مدريد، وكان القاضي الشهير بالتسار غارثون هو قاضي التوثيق المسؤول آنذاك عن تلك القضية التي مضت قدما رغم تدخل المدعي العام.

وخلاصة الأمر كما رأينا أن المذبحة والدمار الكبيرين الذين ارتكبتهما اسرائيل في غزة لم يؤد  فقط توحيد الشارع العربي وتأجيجه والى تعرية الأنظمة العربية وغربلتها وإلى تصنيف القوى الفلسطينية وبلورتها وإلى فضح إسرائيل عالميا وإهانتها في الشوارع من طوكيو الى شيلي، بل وأدت أيضا الى تعرية حقيقة الموقف السياسي للاتحاد الأوروبي الذي تبلور وقوفه الى جانب اسرائيل بشكل أقوى من أي وقت مضى، هذا دون أن نكون قد تطرقنا في هذا المقال الى إصرار الاتحاد الأوروبي بعد مذبحة غزة على تصنيف حماس( المنتخبة من طرف الشعب الفلسطيني في انتخابات نزيهة أشرف عليها الاتحاد الأوروبي) كمنظمة إرهابية ودون التطرق أيضا إلى رفع الاتحاد الأوروبي لمستوى معاهدة الشراكة المميزة التي تجمعه باسرائيل رغم مطالبة الملايين من الاوروبيين ومئات الجمعيات غير الحكومية الاوروبية والكثير من المفكرين الاوروبيين بإلغاء معاهدة الشراكة هذه بل وباغلاق السفارات الاسرائيلية في أوروبا.

انتهى

وكالة معاً الفلسطينية فبراير 2009

صحيفة الحياة الأسبوعية في 24 ديسمبر 2009


DEJE AQUÍ SU COMENTARIO    (VER COMENTARIOS)


COMPARTIR EN:

Todos los derechos reservados كافة الحقوق محفوظة - Editor: Saïd Alami محرر الـموقـع: سـعـيـد العـَـلـمي
E-mail: said@saidalami.com