خـلـف المضيقْ
سعيد العَلمي
نظمتها في 1996 واصفا حال صديق لي فلسطيني قرر يعد ثلاثين سنه من
الإقامة في إسبانيا مغادرتها نهائيا مع عائلته - هربا من العنصرية ضد المسلمين-
والإستقرار نهائيا في المغرب.
قد تـُهتُ جُلَّ العُمْرِ ألتَمِسُ الطـّريقْ
حتى
أنـِسْتُ النورَ مِن خلفِ المَضيـقْ
في أرضِ أنـدَلـُسٍ هَرمْتُ ولمْ أرى
يـوماً
خُيـوط َ النـّورِ أو أسـلـو بـريـقْ
ما تِلكُـمُ الأرضُ التي بـَزّت بـِنا
يـَوماً
بـحافِظـَةٍ لـِـعَـهْـدٍ أو صـديـقْ
أرضَ الجدودِ أتيـْتُ بابـَكِ طارقـاً
وكـطارقٍ أضْرَمْتُ مِنْ خَلـفـي حـَريقْ
لا أبـغِ
في يومي سِوى بَلدي الذي
أحيا بـِه حُـرّاً
بـِلا ذُلٍّ وضـيـقْ
صِنـْواً لِمَنْ حَـوْلي أعـزّ بحـوْلـِهـِمْ
ويكونَ لي في كل مُنـْعَطـَفٍ رفيقْ
إني أتـَيـْتـُكِ لا لأجْلي إنـّني
قد
مَرّ بِـيّ العُمْرُ واندَثَر البريق
فـهـوَ البُنـَيُّ أريدُ أن يـَحيا هُـنا
بينَ الأحِبـّةِ ليـْسَ يـَخلو مِنْ شقيقْ
يـنـمـو كما تـنـمـو الرجـالُ بـِدارهـا
أبـداً أبـِيـّاً
لا يـُـجَـرِّحَهُ صـفـيـقْ
يشقى وينعم شامخا في أرضه
ما بعد
أرضَكَ من نعيمٍ لو تفيق
إن الغريبَ وإن يعيشَ مُنَعَّماً
تلفاهُ وسْطَ النهرِ ظمآناً غريق
في مغربِ الإسلامِ تسلم فلذَتي
مِنْ حِقدِهِمْ في الغَربِ، ذيّاكَ النّعيق
سَوْطٌ على الإسلامِ صارَ لسانُهُمْ
سَخْطٌ
على الإسلامِ فوّارٌ عـتيقْ
كُرْهٌ ليَعرُبَ لا يُدانيهِ الرّدى
مُتربّـصٌ
في القلبِ يَملأُهُ زعيقْ
يبغونَ في الإسلامِ شعبَ مَذَلّةٍ
ويرونَ
في الأعرابِ ضَرباً مِنْ رقيقْ
إن عشتَ بينهمو بربِّكَ مؤمِناً
أو كانَ
جِلـدُكَ أسمَراً دونَ الفَـريقْ
أحْـصوا عليكَ صغيرةً وكبيرةً
عدّوا
عليكَ زفيرَ صدرِكَ والشّهيقْ
حتى إذا جاؤوا عُـقورَ ديارِنا
وجدوا
القلوبَ جَواهِراً مثلَ العقيقْ
لا حِقدَ
لا ضَغناءَ تسحقُ صدرَنا
وصدورُهُمْ
تغلي وحِقدُهمو يُحيقْ
كمْ مِنْ سُمومٍ ينفـُثونَ بيوْمِهِمْ
صوْبَ
الأعاربِ وهيَ تسقيهِم رحيقْ
إنّي
أعودُ لأرضِ أجدادي التي
كانتْ
ملاذَ العُربِ من دَهرٍ سحيقْ
مدّا من الأبطالِ أعطتْ مَغربي
دهراً
تحوّلَ كلُّ " سِيدٍ"... "لوذَريقْ" (1)
هلا سألتَ مآذناً وقلاعَـنا
والجامِعَ
الخَلّاب والقصرَ الأنيـقْ
في أرضِ أندلس ٍ وفي فِردوْسِها
من أنقذَ
الإسلامَ من ذُلٍّ وضيق ؟؟
كمْ مِن جَحافِلِ مَغرِب ٍ استُـشهدَتْ
إذ هَبّـت
الفرسانُ تجتازُ المضيق
والقدسُ كـمْ عـرفـتْ بطولاتٍ لهُمْ
والأطلسُ
الشمّاخُ حاميها العـريقْ
هذا صلاحُ الدينِ بين رجالِهِ
والبيرقُ
الفاسيُّ والأقصى العـتيق
ما دنّـسَ ا|لأوغادُ من قـُدسٍ لنا
إلّا
ومَغـربـُنا نـعـيقٌ في نعـيقْ
يوماً به المستعمرونَ تكالبوا
من
مَشرقِ الإسلام للبَلدِ الشفيقْ
هذي نبوءة مخلص يا قُدسَنا
منذُ
الطفولةِ ما نسى ذاك الرّحيقْ
تلك الأزقةُ ماكثاتٌ في النُّهى
والمَسجدُ
الأقصى بأحشائي عـميقْ
لا يستردُّ القدسَ في الغـدِ غـيـرهُ:
المغـربيُّ وسيْـفُهُ الفـَذُّ
الحقـيقْ
حتى وإن عُـقِدَ اللواءُ لقائـد ٍ
من مشرقِ
الأوطانِ ذيّاكَ الشقيق
في نكسَةِ الستين كانت مغربي
في
الخَندقِ العَربيِّ كالليثِ المُريقْ
***
يا مُلهمَ الأشرافِ دُمتَ لأمّةٍ
مُذ
ضيّعتْ فِردَوْسُها حارَت إمامْ
ترنو إلى وَهَجِ الشّمالِ بحَسرَةٍ
إذ فـيهِ
من إسلامِنا عـدلُ الكِرامْ
نفضَ الشمالُ الظلمَ عن أبنائِه
ومضى
ليُسقي غيرَهُمْ موْتاً زُؤامْ
فأصابَ بالوَيْلاتِ أمَّةَ أحمَدٍ
إذ غُـيِّبَ
الإسلامُ في جُنحِ الظّلامْ
فمَضَتْ لتبحثَ عن إمامٍ عادلٍ
فيه العزيمةُ لا يُدانـيها كَـلامْ
فيه القيادةُ أُلْهِمَتْ مِن شعـبِهِ
صدّادَةُ
الأعداءِ شيمَتُها الوئـامْ
فيها الشعاعُ يقضُّ مَضجَعَ أمَّةٍ
كيْ
تُزهِرَ العينان من بعدِ المَنامْ
فيها الحَصافةُ والشجاعةُ والعُلى
وتوازُنُ
المِقدارِ في حِفظِ الزِّمامْ
الأفقُ يُطوى ذاعِناً لمُرادِها
والفِكْرُ
يُذهَلُ من مَزاياها العِظامْ
مذ أن هوَت غرناطةٌ مَفجوعةً
لم
يعرفِ الإسلامُ طعـماً للسّلام
مُذ تلكمُ الأيامُ في لأوائِها
هذي وجوهُ العُربِ يغشاها السُّخام
لولا الهزيمةُ في الجزيرةِ ما هوى
من بعدِها
الأقصى وموْطِنُهُ الحَرام
في المشرق العربيِّ قد حلَّ الدُّجى
لا تُشرقُ
الأنوارُ في أرضِ السِّقامْ
بحماكَ كمْ من مشرقيٍّ آمِن ٍ
الدّوْحَةُ
المِعطاءُ من فيها يُضام!!؟؟
*******
1996