أيــها الشيــطان

س..." /> أيـ ..."> أيها الشيطان (1971)

موقع الأديب سعيد العلمي. منذ 2020/10/2 WEB del escritor Saïd Alami. Desde 2/10/2020 |
ALBUM DE FOTOS | LIBRO DE VISITAS | CONTACTO |
 
 

WWW.ARABEHISPANO.NET المـوقـع الـعـربي الإسـباني


(إسبانيا) موقع الأديب سعيد العلمي

WEB del escritor y poeta Saïd Alami

وجوديات
وجدانيات
القصيدة الوطنية والسياسية
قصص سعيد العلمي
الصوت العربي الإسباني
POESÍA
RELATOS de Saïd Alami
La Voz Árabe-Hispana
Artículos de archivo, de Saïd Alami

 

قصص 1

أيها الشيطان (1971)


أيــها الشيــطان

ســعــيــد الــعـلـمي

قال لها بحنق وهو يتفحص ربطة عنقه في المرآة ، ألا تدعينا من هذا الموضوع ؟ ألا تجيدين الحديث في موضوع آخر ؟

فردت عليه وقد بدا عليها الغضب ، وعم نتحدث إذن ؟! عم تريد من فتاة مثلي أن تحدث الشاب الذي تحب ؟ عن حرب الفيتنام ! أم عن الطقس !

وألقت بنفسها على كنبة بتراخ كأنها تسلم نفسها لها. أما هو فلم يفه ببنت شفة وراح يصفف شعره بعناية تامة

مرت لحظة من الصمت قطعها هو قائلا : - وماذا يضيرك بأن تتزوج ابنة خالك الآن؟. هل تعرفين زوجها ؟ مجرد مدرس صغير راتبه الشهري بضعة جنيهات

فردت عليه مسندة كوعيها على ركبتيها وقد انحنت ملقية برأسها بين كفيها تنظر الى الأرض : - لكنها تحبه...انه بالنسبة لها الشاب الذي تريد وليس بضعة جنيهات. انت مثلا ... لا تهمني نقودك لأنني أحببتك بكل مشاعري

وأطربه ما قالت ووجد نفسه يبتسم ، قائلا لها كأستاذ يسأل تلميذه : - أحقا كنت ستحبينني كما تحبينني الآن لو أنني فقير معدم ؟

فردت بهدو ء :- أنت أعلم بذلك . ثم أردفت تسأل بدورها : - ولكن هل تستطيع أنت أن تجيب على سؤالي ؟ .

فسألها بمرح :

- سؤالك ؟! أي سؤال ؟ فتركت الكنبة واقتربت منه بدلال ثم أحاطت عنقه بذراعيها وقالت مركزة عينيها في عينيه :

- الذي سأطرحه عليك الآن

وقبل أن ينطق واصلت حديثها تسأله :

- ما الذي يمنعك من الزواج مني ... نقود ؟

فسارع يهتف :

- كلا ... كلا

واستأنفت هي دونما توقف :

- فتاة أخرى ؟

وتسمرت عيناه في عينيها . كان يفكر بما يجب عليه أن يفعله إزاء هذا السؤال . لم يكن يتوقعه . آخر مرة ألقته عليه كان قبل شهور كثيرة ، وآنذاك تظاهر بغضب شديد حتى وعدته بأن لا تعيده على مسمعه مرة أخرى . أما هي فبعد أن القت بسؤالها عليه اقتحمت عينيه لتنفذ الى دماغه. كانت تريد أن تعرف بواطن الأمور لكن شيئا لم يكن ليسعفها. كانت نظراته في تلك اللحظة لا تدل على شئ مطلقا . بحثت في عينه عن الحب فلم تجده ... وعن الغضب ، فلم تجد له أثرا ... وعن الإرتباك ، فما وقعت عليه . بحثت عن الفتاة الأخرى ... عن نفسها ... عن أحلامها ، لكنها لم تجد شيئا من ذلك كله . كانت عيناه خاويتان كما لم ترهما من قبل ، وكانت نظراته تبدو لها باردة لا تعبر عن شيء أو لا تريد التعبير عن شيء، فارتدت الى كنبتها بنفس التراخي قائلة :

- إنك لا تجيب

ولم يجب فعل . كان لا يزال يفكر بأن هذا السؤال هو اعتداء سافر عليه ... على مشاعره . فاستدار بحركة مسرحية معطيا ظهره لها وقال بهدوء :

- لا أريد الإجابة على هذا السؤال

واستأنف تفكيره .. . يجب عليه أن يغادر المنزل قبل أن يشتد هجومها عليه . لكن كلماتها اللاذعة إخترقت أذنيه بعنف :

- طبعا يا عزيزي . ماالذي ستقوله ؟!. إن كنت تريد ان تصدق القول فستكون اجابتك "نعم فتاة أخرى" ولا أعرفك إلا صادقا في أقوالك لا تعرف الكذب - مضيفة على

الجملة الاخيرة نوعا من التهكم - ولذلك لا تجيب حتى لا أعرف الحقيقة أو أن تضطر أنت للكذب وهنا قرر أن يغضب . إنها لم تقدر رحابة صدره فلعل غضبه يعيدها إلى رشدها . فما وجد إلا وفمه ينفتح وكلمات لم يستطع هو نفسه تمييزها جيدا تخرج منه بسرعة فائقة :

- ما الذي يمنعني من هجرك لو أردت ؟ لو كانت هناك فتاة أخرى لفعلت ذلك بلا شك لكنك حمقاء لا تثقين بي ... وتوقف كسيارة تشنجت فراملها أمام ضوء أحمر . كانت كلمة "حمقاء" هذه قاسية جدا على مسمعه هو . إنه لم يعتد أن يوجه لها مثل هذا النوع من الكلام مذ عرفها

ونظرت إليه غير راضية ومتسائلة باستنكار :

- أنا حمقاء !؟ . ذلك ممكن فإن حبي لك طوال خمس سنين دون أن تبرهن لي على حبك لهو حمق حقا. كثيرا ما يكون الحب حمقا

كم هو قاس !. أحس في تلك اللحظات أنه يحبها كثيرا ، وكان مثل هذا الاحساس يخالجه كلما رآها مرحة متفتحة أو حزينة منكسرة بين يديه . فاقترب منها وأخذ يها بكلتا يديه وقال لها بعطف حقيقي :

- أنت تعلمين أنني أحبك ، فلم لا تدعين الحديث في مثل هذه المواضيع التي تعكر صفونا . أنا الأحمق ولست أنت

وبيده اليمنى رفع رأسها لتنظر اليه ثم سألها :

- هل تسامحينني على ماقلت ؟

وأرضاها إعتذاره . كانت طيبته هذه وحسن معاملته لها ، ومرحه ، يجعلها مغرمة به إلى آخر حد . وكانت تعلم في قرارة نفسهاأن لا طاقة لها بالبعد عنه حتى ولو لم يتزوجها. لكنها آثرت بينها وبين نفسها على أن تظل على ما كانت عليه من تأثر ريثما تطرح عليه السؤال مرة أخرى :

- إذن . فماذا عن وجود فتاة أخرى ؟

فترك يدها بهدوء وانسحب وقد دس يديه في جيبيه ومط قامته الطويلة ثم أدار لها ظهره وقال بنبرة بعثت في نفسها الدفْء

- ليس هناك من فتاة غيرك ، صدقيني ، ولكنني لا أستعجل مسألة زواجنا هذه

وأحست براحة كبيرة تسري في أوصالها وقالت له في مرح وقد نهضت إليه من جديد :

- لقد أرحتني الآن

وفكر هو "راحة النساء صعبة" . ثم نظر إلى ساعته فبدت على وجهه البغتة فقال لها متحركا نحوها بسرعة:

- إسمحي لي الآن يا حبيبتي بالذهاب ، إنني على موعد مع أكبر ثري في المدينة

ثم استطرد يقول وقد شاهد امارات الشك ترتسم على محياها ليصرف إنتباهها إلى موضوع آخر:

- آه.. متى سأصبح مثل هذا الرجل الفذ ! إنه عصامي

وخطر بباله أن يقول لها أنه غير متزوج لكنه آثر أن لا يعود إلى الموضوع مرة أخرى أما هي فكان شكها فعلا قد زال وقد علت شفتيها ابتسامة واسعة وهي تقول :

- لا تكن طماعا . إن حالتك المادية ممتازة فاحمد ربك

كان هو يتجه نحو باب المنزل يحيطها بإحدى ذراعيه ، وكانت هي تتحرك ببطء شديد... وكانت تفكر أثناء ذلك : " يبدو أنه سيربح الملايين من هذه المقابلة التي سيجريها مع الثري والا فما سر هذه عجلته هذه " . بينما كان يجول بخاطره ."يا لبطئها الشديد ، إني أدفعها نحو الباب دفعا ، كأني سأخرج منه الى الأبد "

وفتح الباب وقبلها قبلة سريعة ثم انسحب من بين يديها وهتف وهو يهبط الدرج :

- إلى اللقاء . غذا الساعة الرابعة ... لا تنسي

وبينما كان في سيارته ينطلق بها كالسهم كانت صورة سامية وهي تقف بالباب لتودعه لا تزال أمام عينيه . كان يتصور نفسه زوجها وكان يشعر في قرارة نفسه بأنه سيكون سعيدا بذلك بلا شك. وراح يتصور كيف ستودعه لدى خروجه للعمل كل يوم ، أو كيف ستستقبله بلهفتها المعتادة اذا ما عاد في المساء . واستمر يفكر وسيارته تنهب الأرض ... هذا أجمل ما في الزواج ... ولكنه لا يروق لي فهناك بلا شك منغصات كثيرة تظهر من حيث لا تنتظر ... والقيود.ز نعم القيود ... انها كثيرة ... هذا ما قاله لي كامل ... كامل منذ أن تزوج تغيرت سحنته ، ولم يعد كما كان من قبل بشوشا رحب الصدر وترامى إلى مسمعه صوت أمواج البحر . وما هي الا لحظات حتى أوقف سيارته ثم دخل أحد كازينوهات الشاطئ ... كم سيكون المساء جميلا . وألقى بنظرة سريعة على الموجودين قبل أن يرى وجها في زاوية بعيدة لا يبدو عليه الرضى ، فتحرك نحوه بخفة وقد إرتسمت على محياه إبتسامة عريضة وهو يهتف :

- أهلا ناديه . كيف حالك ؟ لقد جئت متأخرا يا حبيبتي ... أليس كذلك

1971

نـشرت في مجلة (الـنـهضة) الكويـتـيـة في 1972

DEJE AQUÍ SU COMENTARIO    (VER COMENTARIOS)


COMPARTIR EN:

Todos los derechos reservados كافة الحقوق محفوظة - Editor: Saïd Alami محرر الـموقـع: سـعـيـد العـَـلـمي
E-mail: said@saidalami.com